نافذة الحرية
آخر الأخبار

مؤتمر اتحاد الكيانات المصرية في أوربا

المهندس رشدي الشافعي

بمناسبة الدعوة الكريمة التي تلقيتها من الزميل الكريم مصطفى رجب، والسيدة الفاضلة سناء مغازي، لحضور المؤتمر الثالث لاتحاد الكيانات المصرية في أوربا، الذي يعقد بمدينة ميلانو (إيطاليا)، في الفترة من 17 الى 19 مايو 2024.

هذه الدعوة، جعلتني أعود بالذاكرة الى فترة الثمانينات، عندما دعيت الى القاهرة لحضور أول مؤتمر للمصريين في الخارج، وكان المؤتمر -في ذلك الوقت- برئاسة الوزير البرت برسوم سلامة، وحضره عدد كبير من المصريين في الخارج، وانتهى المؤتمر بعدة قرارات كان أهمها الإعلان عن تكوين أول “اتحاد عام للمصريين في الخارج”، وتم اختيار الرئيس حسني مبارك ليكون رئيسا شرفيا لهذا الاتحاد، بالإضافة الى عدة قرارات أخرى، منها الموافقة على انشاء مجموعة شركات للاستثمار، يساهم فيها المصريين المقيمين في الخارج بأموالهم.

وبعد تكوين هذا الاتحاد -“الاتحاد العام للمصريين في الخارج”- تشرفت بحضور عشرات اللقاءات السنوية التي كانت تعقد في القاهرة، وكانت تناقش هموم المصريين في الخارج بصفة عامة، وكان معظم وقت هذه اللقاءات يكرث «لمناقشة مشاكل» وهموم المصريين في الدول العربية، الذين كانوا حديثي السفر والعمل في الخارج، وكانت قضاياهم في ذلك الوقت كثيرة ومعقدة ومتعددة كمشاكل “الكفيل” في بعض الدول العربية وعقود العمل، والضمان الاجتماعي وغيرها الكثير من الهموم والصعاب.

كانت مسألة التعليم في خارج الوطن من أهم المشاكل التي تواجه المصريين في الدول العربية وخاصة مشكلة إلحاق أبناءهم بالجامعات المصرية بعد شهادة الثانوية العامة، التي يحصلون عليها من الدول العربية الأخرى، والتى كانت –ومازالت- تشكل قضية مزمنة لاستكمال الأبناء التعليم الجامعي بسبب عدم الاعتراف الواضح من وزارة التعليم العالي في مصر، للدرجات التي يحصلون عليها في الخارج للالتحاق بالكليات التي يرغبون الالتحاق بها، ولأسباب فنية أخرى كثيرة تعيق طريقهم للالتحاق بالجامعات المصرية الحكومية.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك الكثير من الاهتمامات التي تشغل بال أخوتنا المقيمين في الدول العربية والتي كانت لا تشغلنا بنفس الدرجة أو بنفس الأهمية، وكان من بين هموم المصريين في الدول العربية هو الحصول على شقة أو قطعة أرض في مصر بشتى السبل لتأمين مستقبلهم ومستقبل أبناءهم في الوطن بينما كانت تعاني مصر في ذلك الوقت من شح في العقارات الجديدة.

وكانت مشاكل أخوتنا المقيمين والعاملين في الدول العربية تأخذ معظم الوقت في اللقاءات والاجتماعات التي كانت تنظمها الادارة المصرية.

وظهرت هذه «الفجوة» بين اهتمامات واحتياجات المصريين في الخارج، كل حسب مكان إقامته، وبصورة أو بأخرى فان الهجرة الى الدول العربية تعتبر من وجهة نظري “هجرة مؤقتة” والهجرة الى أوربا-وأميركا- تعتبر “هجرة شبه دائمة” وهنا تكمن الفجوة في اختلاف الاهتمامات.

وتكونت من هذه اللقاءات صورة واضحة وقناعة شخصية بأن هموم المصريين المقيمين في الدول العربية تختلف بقدر كبير عن هموم المصريين المتواجدين في أوروبا، بينما انصب اهتمام الحكومات المتعاقبة ووزارة الهجرة على المصريين في الدول العربية، لما يقومون بتحويله من عملة أجنبية الى بلادهم تفوق في بعض الأحيان ما يقوم به أخوتهم المقيمين في الدول الأوربية وأميركا، وأصبحت لقاءات المصريين في الخارج التي تعقد في القاهرة موجهة ومدارة للمقيمين في الدول العربية بشكل أساسي.

وكانت قد تكونت في الدول الأوربية عدد من الجمعيات والروابط والأندية التي تجمع بين أعداد من المهتمين بالعمل العام والنشاط الاجتماعي، وهو الشيء الذي تسمح به الدول الأوربية دونا عن الدول العربية التي لا تسمح بتشكيل مثل هذه الجمعيات.

وقامت بعض هذه الجمعيات بعدة أنشطة متميزة ومختلفة في عدد من البلدان الأوربية، وكانت هناك عدة محاولات بهدف “تجميع” هذه الطاقات والجمعيات في كيان واحد للتنسيق بينها، للاستفادة من الخبرات في تنمية الجمعيات الناشئة ومحاولة إيجاد فرصة أكبر لتعاون أهم وأشمل بين المصريين المقيمين في أوربا، من خلال تكوين نواة، أو تجمع أو اتحاد للجمعيات المصرية في أوربا يربط بينهم ويدافع عن حقوقهم.

وكانت تجربتي الشخصية وبالتعاون مع عدد من الزملاء – منذ ما يقرب من عشرة أعوام – عندما قمنا بتكوين أول اتحاد “حقيقي” للجمعيات والروابط والمنظمات المصرية في أوربا، وأطلق عليه اسم: “المجلس الاستشاري للمصريين في اوروبا”

وكان معنا في هذا التكوين عدد كبير من الأخوة والزملاء الأفاضل من الدول الأوربية، أذكر من بينهم على سبيل المثال -وليس الحصر- كل من الزملاء: الأستاذ/ مصطفى رجب (لندن)، والسيدة/ عفاف عبد ربه (بلفاست)، المهندس/ مجدي الألفي (إنجلترا)، والأستاذ/ مصطفى عبدالله (فيينا)، الأستاذ/ محمد عطية (هانوفر-المانيا)، المهندس/ محسن علي (أمستردام) الأستاذ/ توفيق عبد العليم (أمستردام)، الأستاذ/ عماد عابدين (أمستردام)، الدكتور/ عبده الشرقاوي (أمستردام)، الأستاذ/ أنيس شنودة (هولندا)، الأستاذ/ محمد يونس (هولندا)، الأستاذ/ محمد قاسم(هولندا)، الأستاذ/ مصطفى كمال الأمير (هولندا)، الأستاذ/ عبد الرحيم الخولي (باريس)، الأستاذ/ صالح فرهود (باريس)، الأستاذ/ نشأت الحصري (باريس)، الأستاذ/ محمد الحوفي (مرسيليا)، المهندس/ إبراهيم قنديل (مرسيليا)، المهندس/ كمال عازر (مرسيليا)، السيدة/ سوزان مرسي (مرسيليا)، الأستاذ/ عبد الباسط الفلاحة (مدينة نيس)، السيدة/ نادية رجب (مونت كارلو)، الأستاذ/ محمد طايع (مدينة كان)، الأستاذ/ محمود عثمان (إيطاليا)، الأستاذ/ إبراهيم أبو الروس (اسبانيا)، الدكتور/ محمد عبد العال (إنجلترا)، المهندس محي الدين غريب (كوبنهاجن)، بالإضافة الى زملاء أعزاء من السويد وغيرهم.

وكانت البداية في باريس لعقد أول اجتماع للمجلس، ثم قمنا بعدد من الجولات في عدد من الدول الأوربية، للتعرف عن قرب ببعض الزملاء رؤساء الجمعيات الذين أبدوا الرغبة في الاشتراك معنا والتعاون لبناء “اتحاد” للمصريين في أوربا.

ثم تعرضنا لأخطر الأمراض المصرية في الغربة، وهو مرض “الأنا” والأنانية ومحاولة تخطي الغير، وحب الظهور، وعدم احترام الحقوق، ونقاشات ومجادلات عقيمة وغير مفيدة، ونحن ما زلنا على أول الطريق، وانتهى بنا المطاف، بأن قامت مجموعة بالسطو على هذا التكوين-بدعم غير مقصود من بعض الأعضاء- وقاموا بتسجيله في الخفاء وانسحبوا بالفكرة وأعادوا تسميته باسم آخر، وحاولوا جذب عدد من الأعضاء معهم، فلم يحظوا الا بالقليل.

ونظرا لأننا لم نكن نهدف لأي منافع شخصية من هذا التكوين، بل على العكس، فلقد كان ذلك يستغرق منا الوقت والجهد وإنفاق المال بدافع حب العمل العام ومساعدة الغير، فقررنا عدم الدخول في “جدال لا يفيد”.

ورغم أنه قد تم “السطو” على هذه “الفكرة”، لكنهم لم يستطيعوا السطو على “الأفكار” الأساسية التي تساهم في إنجاح هذه الفكرة …. وتعثرت بذلك الفكرة وفقدت طريقها، ولقد سبق لي أن تحدثت عن ذلك بالتفصيل، ولا داع لعرضه مرة ثانية.

وعندما حدثني صديقي العزيز الأستاذ مصطفى رجب، منذ فترة من الزمن، عن رغبته في أحياء فكرة تكوين اتحاد جديد للكيانات المصرية في أوربا شجعته على ذلك، ودعمت توجهه منذ اللحظة الأولى لنجاح هذا التكوين، غير أنني، لظروف خاصة، لم أتمكن من المشاركة في مؤتمرات الاتحاد السابقة.

واليوم يدعو الزميل الكريم مصطفى رجب، رئيس اتحاد الكيانات المصرية في أوربا، ونائبته الفاضلة السيدة/ سناء مغازي، الى لقاء ومؤتمر موسع في ميلانو يشترك فيه عدد كبير من زملائي الأفاضل الذين كانوا معي ونحن نضع خطواتنا الأولى لبناء أتحاد للمصريين في أوربا، أتمنى لهذا الاتحاد أن يكون بناء طيب، يوحد ولا يفرق، يبنى ولا يهدم، يستمر في طريق الحق ولا يحيد عنه، يتقدم ولا يتوقف، يدافع عن المصريين في أوربا بلا تهاون، وقبل كل شيء، يبني أواصر جديدة ودعائم قوية للصداقة والمحبة والتعاون الدائم بين أبناء مصر في أوربا .. ومصر أيضا.

م. رشدي الشافعي

رشدي الشافعي

المهندس رشدي الشافعي
مؤسس ورئيس تحرير جريدة «الحرية» منذ عام 2009.
بكالوريوس الهندسة المدنية «إنشاءات»
كلية الهندسة - جامعة الإسكندرية.
صحفي، مدير مكتب جريدة الجمهورية المصرية
في باريس سابقاً.
رئيس مجلس التعاون المصري- الأوربي.
زر الذهاب إلى الأعلى