بمبادرة من الجالية المصرية في فرنسا، قمنا بدعوة عدد من الزملاء المصريين من المهتمين بالعمل العام ورؤساء الجمعيات والاتحادات المصرية في أوروبا لحضور لقاء أقيم يوم السبت الموافق 22 ديسمبر عام 2012، نظم في باريس تحت عنوان “مؤتمر قيادات الجالية المصرية في غرب أوروبا”.
حضر هذا اللقاء عدد من الزملاء من عدة دول أوروبية، وكان الحماس وفي تلك الأثناء لم تكن هناك أية اتحادات حقيقية تجمع بين المصريين في أوروبا.
كان هناك شعور باحتياج لتعاون أكبر بين المصريين في أوروبا، وتطرق اللقاء إلى موضوع إنشاء تكوين أو اتحاد يجمع هذه الجمعيات المصرية في أوروبا، بهدف التنسيق فيما بينها، وزيادة التعارف والتعاون بما يعود بالنفع على المصريين وعلى مصر، وخاصة أن اهتمامات المصريين المقيمين في أوروبا قد تكون متشابهة، ولها خصوصيتها والتي قد تختلف فيها عن زملاء لنا في دول أخرى.
بالطبع كان تمثيل فرنسا هو الغالب في هذا الاجتماع -وهى طبيعة عقد اجتماع في أية دولة- حيث حضر رؤساء الجمعيات وممثلين من مدن فرنسية كثيرة بخلاف باريس، منها مرسيليا ونيس وكان، ومونت كارلو. واقترح بعض الزملاء عمل انتخابات أو اختيار مجلس إدارة لذلك التكوين في هذا الاجتماع، غير أنني كنت من أكبر المعارضين لذلك، وخاصة أننا لم نكن يعرف بعضنا بعضا، بالقدر الكافي الذي يسمح باختيار ممثلين أو أعضاء، وبالإضافة إلى ذلك، فلقد كانت الغلبة لفرنسا والنتيجة محسومة.
وعلى هذا تم الاتفاق على عقد عدة لقاءات أخرى لمزيد من التعارف بيننا، ولتقديم بعض الاقتراحات بشأن وضع لائحة تنظم عمل هذا الاتحاد المزمع إنشاؤه.
واتفقنا على عقد عدة اجتماعات في عدة دول مختلفة والتقينا في “بلفاست”(إيرلندا)، وأيضا في مدينة “جوتبرج” بالسويد، وتقدم كل واحد منا بتصور لهذا التكوين، وتم الاتفاق على التسمية أو الاسم “اتحاد الجاليات المصرية في أوروبا” أما اللائحة فتعثرت نظراً لاختلاف كبير في وجهات النظر.
وفي لقاء السويد، فلقد أخذت مناقشة اللائحة منحنى خلافي جوهري، حيث تحفظ عدد كبير من الزملاء على بعض مواد اللائحة التي تقدم بها زملاؤنا في سويسرا، وخاصة فيما يتعلق بتكوين “أمانة عامة” تهيمن على الاتحاد، وتكون ثابتة وأعضاؤها معينون ومقرها “چينيڤ” في سويسرا، ورئيس يتم اختياره دورياً من الدول الأعضاء، لا يملك من قراره شيء.
واعترضنا أنا وبعض الزملاء على صياغة اللائحة التي تعطى اليد العليا لما يسمى بالأمانة العامة، وأن يصبح الرئيس بلا سلطات ومجرد رئيساً شرفياً لا يملك من الأدوات أو الصلاحيات ما يمكنه من اتخاذ أية قرارات!!
هذا بالإضافة إلى أنه قام الزملاء من سويسرا، بتحديد مقر الأمانة العامة في چينيڤ بصورة تجعل منصب الأمين العام محسوماً وأبدياً، دون أية انتخابات أو اختيار من الجمعية العمومية، وهى خطوة تعتبر بمثابة تعدى واضح على ديمقراطية اتخاذ القرار أو التكوين في حد ذاته، الذي لم ينشأ ولم ير النور بعد!!
وفي اجتماع السويد، كان هدف اللقاء هو مناقشة اللائحة وإقرارها وجاء كل منا باقتراحاته وآراءه، بهدف إنجاح هذا العمل، غير أن أقتراح تكوين “أمانة عامة” داخل الاتحاد وهو شيئ غير عادي، وغير معهود في تكوين الجمعيات أو الاتحادات كان هو جوهر الخلاف ..!!
وتجدر الإشارة إلى أنه حضر هذا الاجتماع، عدد كبير من أبناء الجالية المصرية من عدة مدن من السويد، وتعرض هؤلاء لحرج بالغ في هذا اللقاء، عند بدء الحديث عن اللائحة التي تنظم عمل الاتحاد، فما كان من أحد الزملاء أن وجه لهم عبارات قاسية غير لائقة عندما قال: “ما هو سبب حضوركم ليس هناك وقت لمناقشة اللائحة فلقد انتهى كل شيئ”!!
وكان ذلك بمثابة إهانة لزملاء يحضروا اللقاء لأول مرة.
وتطورت حدة الخلاف في اللقاء بين الأعضاء وفوجئ الزملاء “القدامى” الذين حضروا اللقاءات السابقة منذ بدايتها، بهذا الحديث الجاف والذي يتنافى مع الحقيقة.
وأخرج أحد الزملاء عدة وريقات من حقيبته وقال موجها حديثه للحضور: “هذه هي اللائحة ولقد قمنا بتسجيل الاتحاد واللي عاجبه يشترك على كده، أهلاً وسهلاً، واللي مش عاجبه يتفضل”…!!
وهنا انسحب عدد كبير من اللقاء، وكانت هذه العبارة هي مفترق الطرق الذي رسمه زملاؤنا في سويسرا، وأحدثت الانشقاق في تكوين لم يبدأ بعد.
قرر عدد من الزملاء عدم الاشتراك في هذا التكوين، وانسحب عدد كبير من المشاركين منهم زملاء لي من فرنسا (باريس ومرسيليا ونيس ومونت كارلو) وزملاء من دول أخرى كانوا – قد حضروا في السابق اجتماع باريس ولقاء بلفاست – اعتراضاً على هذا الموقف الذي لا يتماشى مع العمل الاجتماعي التطوعي، منهم المهندس/ محسن على رئيس اتحاد المؤسسات والمنظمات المصرية في هولندا، والسيد/ توفيق عبد العليم الأمين العام للاتحاد، كما انسحب الأستاذ/ محمد عطية رئيس البيت المصري في ألمانيا (هانوفر)، والزميل الأستاذ/ أسامة العجوز رئيس جمعية الصداقة المصرية-السويدية في مدينة “جوتبرج” في السويد هو وجميع من حضروا من ستوكهولم ومالمو ومدن سويدية أخرى، وأعتذر عدد كبير من الزملاء من دول أخرى شاركت في الاجتماع، ورفضوا أستكمال المسيرة أعتراضا على هذا الأسلوب.
وقبل الانسحاب فلقد عبر عدد من الزملاء عن وجهة نظرهم، واعتراضهم على فرض ما يسمى ب “الأمانة العامة” كأمر واقع على الأعضاء، وأقترح البعض الاكتفاء بمنصب أمين عام، كما اعربوا عن رفضهم لفرض الاختيار على أن تكون “جنيف” هي المقر، وهنا تسائل الزملاء : ولماذا في جينيف بالذات؟
وكانت الإجابة واضحة، فمن بين المبررات التي أعطيت من طرف الزملاء في الأمانة العامة: “أن وجود المقر الرئيسي للاتحاد في سويسرا، سيسمح بالحصول على تبرعات أو تمويل من بعض المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمتواجدة في جينيڤ” ..!!
وعلى هذه الأرضية كان الخلاف ومضى من مضى، وترك العديد من الزملاء – وأنا منهم – الحرية لهذا التكوين أن يستمر دون تدخل منا، فالساحة واسعة للنشاط في مجال العمل العام، وأستمر عمل الاتحاد منذ ذلك الوقت، ولم تحترم بنود اللائحة، وهي البنود التي قاموا هم بوضعها لأنفسهم، وتتداول على منصب الرئيس شخصين فقط خلال تلك الفترة- رغم أن اللائحة تنص على أن يمكث كل رئيس لمدة عام واحد – وتقلص عدد الأعضاء، ووصلنا إلى ما نحن عليه.
ودون الدخول في تفاصيل كثيرة، ومن منطلق حرصى على الاحتفاظ بصداقة الأصدقاء والزملاء، فأنني أكتفي بسرد هذه المقدمة التاريخية لإنشاء “اتحاد الجاليات المصرية في أوروبا”.
الدعوة لحضور أجتماع لندن
ومنذ أسابيع قليلة تلقيت دعوة كريمة من الأخ الفاضل/ مصطفى رجب -الذي لم تنقطع علاقتي به منذ تلك الفترة – لحضور المؤتمر التاسع لاتحاد الجاليات المصرية في أوروبا، والذي ترأسه بريطانيا ممثلة في شخصه بصفته رئيس المجلس المصري ببريطانيا، ومدير بيت العائلة المصرية في لندن. ونظراً لأواصر الصداقة والمحبة التي تربط بيننا، وأيضاً بعض التلميحات التي استنتجتها من الدعوة بهدف حشد القوى والعناصر المحبة لمصر والتي ترغب في العطاء وتساهم في العمل العام لدعم وتقوية دور هذا الاتحاد، قررت الحضور والمشاركة.
ووضع الزميل مصطفى رجب “وثيقة شرف” لتكون وسيلة للتفاهم بيننا في احترام الآخر والاختلاف دون تعدى على الآخر، وكان من أول بنود وثيقة الشرف التي وضعها – والتي أرسلها لنا جميعا – هي: “الالتزام بالنقد البناء وأن يتسع صدر كل منا له”.
من هنا، وأن كانت لدينا رغبة حقيقية في إنجاح هذا العمل وبناء هذا التكوين على أسس سليمة، وأن يكون هذا الاتحاد هو أقوى تكوين للمصريين في أوروبا، فعلينا أن نفتح أيدينا وصدورنا لتقبل الآخر والاستفادة من النقد البناء، وإثبات أن الهدف هو المنفعة العامة وليس المنفعة الخاصة ومحاولة إنكار الذات وإعلاء كلمة الحق دون مواربة.
ومن هذا المنطلق فإنني أسطر هذه الأحداث التاريخية لهذا التكوين، بهدف الاستفادة من أخطاء الماضي والنظر إلى المستقبل، بهدف إنجاح هذا الاتحاد وتقويته وفتح الباب لجميع المتحمسين للعمل العام التطوعي في حب مصر وخدمة المصريين في الخارج للانضمام إليه.
وإن لم نقم بذلك، فلا نتعجب إذا ظهر في المستقبل تكوينات أخرى جديدة تحمل أسماء متشابهة، من زملاء فاض بهم الكيل من تجمعات لا تعبر عنهم بالقدر الكافي.
أما بشأن اجتماع لندن الأخير، يشهد الجميع على نجاحه من الناحية التنظيمية وخروجه بصورة مشرفة للجميع، بفضل الدور الكبير الذي قامت به الجالية المصرية في بريطانيا، ورأينا بأعيننا كيف ساهم زملاؤنا في لندن على إنجاح تنظيم هذا اللقاء.
تنظيم رائع وشفافية غائبة
أما بشأن ما دار داخل الاجتماع فلم يخلو من الجوانب السلبية وانعدام الشفافية، وبخلاف جدول الأعمال- الذي لم يضم في بنوده بعض الاقتراحات التي تقدم بها الأعضاء- كما هو معمول به في تلك الاجتماعات، فإنه لم يتم توزيع أو طبع أية وثيقة واحدة وتوزيعها على الحضور، وخاصة فيما يتعلق بتقرير النشاط في الفترة الماضية، أو “التقرير المالي” مثلاً الذي يقوم عليه أي كيان أو مؤسسة أو منظمة أو جمعية!
بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك “عوار كبير” في اللائحة التي تنظم عمل الاتحاد، والتي وضعها الأمين العام، والذي يعطى عن طريقها الحق في تكوين ما يسمى بـ “الأمانة العامة” ويعطى لنفسه صلاحيات كبيرة وواسعة في “تعيين” أعضاء في “الأمانة العامة” دون الرجوع إلى الجمعية العمومية، بالإضافة إلى صلاحيات أخرى تساعد على تهميش الرئيس والحد من صلاحياته وإمكانياته الإدارية.
وهناك نقطة هامة في حالة إذا كانت هناك رغبة حقيقية لتسجيل هذا الاتحاد في وزارة التضامن الاجتماعي في مصر، وهي أن وزارة التضامن لا تعترف بتشكيل يحتوى على هذا المسمى “الأمانة العامة” لأن قانون الجمعيات الأهلية يرفضه، بل إنها تعتمد التشكيلات والكيانات المعمول بها في الجمعيات وهى المكونة من رئيس ونواب للرئيس وأمين عام وأمين صندوق وهكذا، أما تكوين اتحاد داخل الاتحاد تحت اسم “الأمانة العامة” فهذا الشيء لا يسمح بتسجيله في وزارة التضامن الاجتماعي في مصر، وغير موجود.
“أمانة عامة” محصنة أكثر من “الأمانة العامة للأمم المتحدة”..!!
وفي الحقيقة فإننا إذا نظرنا إلى جميع التكوينات والجمعيات سواء في أوروبا أو العالم، فإننا لا نجد هذه التسمية..!! نجد فقط الأمانة العامة في “الأمم المتحدة” وهذه الهيئة ليس لها رئيس…!! بل لها أمين عام يتم انتخابه من الأعضاء كل فترة وتغييره، وليس أمين عام أبدى أو مدى الحياة.
ومن هنا تم تكوين “أمانة عامة” داخل اتحاد الجاليات المصرية في أوروبا محصنة بتحصين أقوى من الأمانة العامة للأمم المتحدة، التي يتغير فيها الأمين العام كل فترة زمنية.
لقد كانت “الأمانة العامة” عند نشأة اتحاد الجاليات المصرية في أوروبا مكونة من ثلاثة أشخاص، أصبحت الآن (الأمانة العامة) مكونة من سبعة أشخاص..! بينما يقف “رئيس الاتحاد” وحيداً ليس لديه أية سلطة لاتخاذ أية قرارات، سوى “بالتعاون أو بالتنسيق مع الأمانة العامة”!
وهذا الموضوع يعرقل أي مسيرة أو أي تطور في الأداء وخاصة في ظل حرمان الرئيس أيضاً من أية ميزانية أو أموال يستطيع بها تسديد بعض النثريات التي يحتاجها العمل الإداري للاتحاد.
وكنا نعتقد أو نتصور في البداية أن “أمانة عامة” تعنى توثيق جميع محاضر الجلسات والتوصيات أو توثيق القرارات التي يتم اتخاذها في الجمعية العمومية، أو الاحتفاظ بما يسمي دفاتر محاسبة، لكننا لا نرى شيئا من هذا.
وأن كان ذلك موجوداً حقيقة، فأين الشفافية في تعريف الأعضاء به؟
ولقد طلبت من الزميل الأستاذ/ مصطفى رجب بإدراج تساؤلات حول هذه الموضوعات ومناقشة بعض الاقتراحات في تعديل اللائحة قبل موعد الاجتماع بوقت كاف كما تنص عليه اللوائح والإجراءات، غير أن بعض التساؤلات لم تدرج في جدول الأعمال،وليس لي علم بأسباب ذلك، وما أدرج منها، كالبند العاشر مثلاً في جدول الأعمال، لم يتم الإشارة إليه أو التطرق له.
وعلى الرغم من كل ذلك وبهدف التقدم للأمام يجب استدراك كل هذه السلبيات ومحاولة علاجها، ولا يصح إلا الصحيح.
ومن هنا فإن هناك مسئولية كبرى ملقاة على عاتق رئيس الاتحاد الجديد، من ناحية تشكيل مجلس إدارة حقيقي منتخب من الجمعية العمومية،يقوم بمهامه كاملة، يجذب أعضاء جدد ليمثل الجاليات المصرية في أوربا تمثيلا حقيقيا لتزداد قوته، يتفاعل مع الأعضاء ولا ينفرهم، يستمع لهم ويستفيد بخبرتهم، فنحن لسنا بحاجة لأمانة عامة لا تقبل النقد البناء وهي على خطأ بالغ وتقصير في القيام بدورها، لسنا بحاجة لأمانة عامة تصطدم مع الأعضاء، وتهيمن وتختار لنفسها أعضاءها دون الرجوع لرأى الأغلبية بطريقة الحزب الواحد، الذي مضى عهده، والذي كان يحكم أوروبا الشرقية في الأحقاب الماضية.
ما رأيناه – ونراه اليوم – هو شيء لا يليق، وغير مقبول، بل مرفوض من جميع أبناء مصر في أوروبا الذين يرغبون في اتحاد لهم يعبر عنهم ويدافع عن حقوقهم، ويعطى مصر ما تستحق من تقدير واحترام.
هذا ماكنا نتوقعه تماماً لأن للأسف أغلب من حضروا هذة الإجتماعات يبحثون عن مكاسب شخصية تبعد كثيراً عن مفهوم العمل العام
الدكتور عصام
لا يمكن أعتبار أن معظم أو أغلب من يحضرون هذه الأجتماعات يبحثون عن مكاسب شخصية، وإلا ما معنى العمل العام؟
هناك كثير من الناس يبحثون عن تقديم خدمة تطوعية لزملائهم، دون مقابل، ونجد ذلك بوضوح في بعض الجمعيات الكبيرة مثل جمعية “أطباء بلا حدود” وغيرها، وهناك أمثلة مصرية كثيرة قدمت وتقدم الكثير من أجل الغير، وإذا كان لديك بعض الوقت وتعرفت على بعض الموضوعات المنشورة على هذا الموقع ستجد موضوع عن حصول الطبيب المصري الدكتور صلاح سعيد على وسام الأستحقاق الملكي الهولندي تقديرا لجهوده في مجال العمل العام.
(ملاحظة: الدكتور صلاح قدم خدمات جليلة لمصر، ولم يحصل من مصر حتى الآن على أي تقدير أو وسام، وهو لا يسعى لذلك)