مصر

محاولة أخيرة لاحتواء أزمة سد النهضة، وأثيوبيا تحتفل بإنتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان السد ..!

جولة مباحثات ومفاوضات جديدة بين مصر والسودان وأثيوبيا

سد النهضة الأثيوبي، أثناء مرحلة الإنشاء

بعد إعلان أثيوبيا عن الإنتهاء من المرحلة الأولى لتخزين المياه في بحيرة سد النهضة، وردود الفعل السودانية والمصرية، تعود الدول الثلاث إلى جولة جديدة من المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق يناسب جميع الأطراف، وذلك بعد تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات بين وزراء الخارجية والري لدول مصر وأثيوبيا والسودان، بوساطة من الاتحاد الأفريقي.

وكان الاجتماع الذى جمع مندوبين من مصر وأثيوبيا والسودان، بحضور مراقبين دوليين وبرعاية الاتحاد الأفريقي واستمر أحد عشر يومًا قد فشل، دون التوصل إلى اتفاق، حول القضايا الفنية الخاصة بتخزين المياه خلف السد.

وكانت الخارجية المصرية قد طلبت “إيضاحًا رسميًا عاجلاً ” من الحكومة الأثيوبية بشأن الإعلان عن بدء ملء سد النهضة، بينما اعتبرت وزارة الري السودانية بدء ملء السد، هو إجراء أحاديًا مرفوضًا، وخاصة بعد إدراك السودان بأن هناك تراجعًا ملحوظًا في مناسيب مياه النيل الأزرق.

وفي محاولة أخيرة للدفع بعملية التفاوض نحو التوصل إلى إتفاق بين الدول الثلاث: مصر وأثيوبيا والسودان، عقدت قمة مصغرة – عن طريق الفيديو كونفرانس – لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الإتحاد الأفريقي، وبرئاسة رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، بإعتباره رئيس الإتحاد الحالي، وبحضور رؤساء دول كينيا، ومالي، والكونجو، ومشاركة كل من رئيس وزراء أثيوبيا، ورئيس وزراء السودان.

وحسب بيان رئاسة الجمهورية المصرية، فإن هذه القمة أسفرت عن التوافق بين مصر وأثيوبيا والسودان على “مواصلة التفاوض”، بهدف الوصول إلى بلورة إتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم لاحقا العمل على بلورة اتفاق شامل كامل لكافة أوجه “التعاون المشترك” فيما يخص استخدام المياه بين الدول الثلاث!!

أما المفاجأة فجاءت من جانب رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد – فور إنتهاء القمة المصغرة – الذي زف للشعب الأثيوبي، خبر الإنتهاء من المرحلة الأولى لعملية تخزين المياه في بحيرة السد ! وهنأ الأثيوبيين على ذلك .

وأكد وزير المياه والطاقة الأثيوبي عن إنتهاء المرحلة الأولية لعملية ملء بحيرة سد النهضة الأثيوبي الكبير، وقال: إن إكتمال الملء الأولي لسد النهضة يعد إنجازا تاريخيا، حيث تم تخزين 9ر4 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة السد.

وكانت أثيوبيا تهدف إلى تخزين ما يقرب من ٤٫٨ مليار متر مكعب خلال هذا العام في فترة الأمطار التى تسقط على الجبال والمرتفعات الأثيوبية خلال فصل الصيف الحالي، بينما أعلنت مصادر وزارة الري الأثيوبية أنه تم تخزين ما يقرب من 9ر4 مليار متر مكعب في فترة زمنية قصيرة.

وتتسع بحيرة سد النهضة لتخزين ما يقرب من ٧٤ مليار متر مكعب من المياه عند اكتمال السد، ليصل لطاقته القصوى لتوليد الكهرباء بصفة دائمة ومنتظمة.

وتتطلع أثيوبيا في أن يكون سد النهضة هو القاطرة التى ستمكنها من إنطلاق التنمية الاقتصادية في البلاد، على اعتبار أنه أكبر مشروع «كهرومائى» لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام المياه في القارة الأفريقية.

بينما ترى مصر من خلال تصريح وزير الخارجية، بأن “السد يعتبر تهديد وجودى بات يحدق بشريان الحياة الوحيد الذى يعيش عليه أكثر من مائة مليون مصرى”.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي، قد فشلا في اقناع أثيوبيا بتوقيع اتفاق مع مصر -في شهر فبراير الماضي- يضمن لمصر احتياجاتها الضرورية من المياه خلال سنوات ملء بحيرة الخزان.

وتدافع مصر عن حقوقها التاريخية، والتى تعود إلى عام ١٩٢٩، عندما أقرت الحكومة البريطانية حق مصر التاريخي في مياه النيل وتمنح كل المعاهدات في هذا الشأن بحق الفيتو لدولة المصب “مصر”، للاعتراض على أى مشروع يقام على مجرى  النهر ويهدد مصالحها أو حصتها المائية.

وتسعى مصر جاهدة في جولات المفاوضات المقبلة أن تصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وتأمين حصتها في مياه النيل، وأن توقع أثيوبيا على هذا الإتفاق قبل الدخول في مفاوضات تفصيلية جديدة.

وهذا لا يمنع أثيوبيا من الموافقة على الدخول في سلسلة جديدة من المفاوضات بينما تستمر في عملية تخزين المياه خلف السد، في ظل معارضة سودانية مصرية.

غير أن تاريخ المفاوضات، الذي استمر لمدة تزيد عن ستة أعوام، أظهر عدم رغبة أثيوبيا في التوقيع على اتفاق ملزم لها، واستمرارها في سياسة المراوغة وكسب الوقت للانتهاء من بناء السد بالكامل وفرض الأمر الواقع على مصر والسودان.

وبعد كل هذا التاريخ الطويل في المباحثات والمفاوضات التى لم تثمر عن شىء، ماذا لو وقعت أثيوبيا على اتفاق – بغرض كسب الوقت- للسماح بمرور كميات المياه اللازمة والضرورية لكل من مصر والسودان، وملئ السد في مدة عشر سنوات مثلا، ولكنها لم تلتزم بهذا الاتفاق ؟

هل استعدت مصر للبدائل التى قد تلجأ إليها للحفاظ على حقوقها التاريخية في شريان الحياة الأساسي الذي تعتمد عليه؟

 

الحرية - خاص

جريدة الحرية موقع إلكتروني يصدر من باريس عن مجلس التعاون المصري الأوربي يهتم بشؤون المصريين والجاليات المصرية في الخارج.
زر الذهاب إلى الأعلى