الصورة الحضارية لتداول السلطة فى الدنمارك هذه الأيام، من أحزاب اليمين إلى أحزاب الوسط، تهز المشاعر، وتثمن نعمة الحياة فى دولة ديمقراطية، والتحسر على الدول المتخلفة التى تتبنى سياسة عدم الأهتمام بأهم أساسيات العمل السياسي وتنتهج سياسة وثقافة “الطز” …!!
الدول التي ترفع راية ومبادئ “طز” في الديمقراطية، وحقوق الإنسان، هي نفس الدول التي تتبنى “هوس المؤامرة”… !
وهذا الفارق السياسي الشاسع، يظهر أيضا عمق الهوة الثقافية والأجتماعية بين شعوب قادرة على تحقيق ذاتها، وشعوب أخرى تعيش في دوامات سياسية وحياتية ومشاكل مصطنعة وخوف من المستقبل وأشياء أخرى، تبعدها عن أي وسيلة للتطور السياسي وبالتالي التطور الأجتماعي، والثقافي.
وعودة بنا إلى التشكيل الوزاري الجديد في الدانمارك، والذي يضم 20 حقيبة وزارية فى حكومة الأقلية الجديدة، برئاسة “ميتا فريدريكسن” التي فازت في الإنتخابات النيابية الأخيرة، التي جرت في الدنمارك مطلع الشهر الماضي.
وبنظرة سريعة على الحكومة الجديدة وأهم ملامحها، ندرك أن رئيسة الوزراء الجديدة التي تبلغ من العمر 41 عاما، وتعتبر أصغر رئيسة وزراء فى تاريخ الدنمارك، أختارت أعضاء وزارتها، ومعظمهم في سن متوسط، وبلغ متوسط عمر الوزراء حوالي 41 عاما أيضا ..!
الحكومة الجديدية تضم 7 سيدات، كما تضم ثلاث وزراء من الشباب تقل أعمارهم عن 35 عام.
أختيرت المناصب الوزارية كمناصب سياسية، لمن له كفاءة، وليست لأي أعتبارات أخرى.
فجاءت وزيرة الداخلية السيدة أستريد كراج Astrid Krag والتي تبلغ من العمر 32 عاما، وهي ليست من العاملين في الشرطة، ولكنها تحمل شهادة علوم سياسية.
وأختيرت السيدة تيرين برامسن Trine Bramsen وزيرة للدفاع، وتبلغ من العمر 31 عاما، وهي أيضا “ليست ذو خلفية عسكرية”، ولكنها حاصلة علي شهادة عليا في العلوم الاقتصادية.. !
والجدير بالذكر أن الدنمارك تمتلك 27 طائرة حربية من طراز F35، كانت قد حصلت عليهم بعد موافقة البرلمان الدنماركي وبناء على طلب تقدمت به المؤسسة العسكرية.
وأختير السيد مانجوس هونيك Magnus Heunicke في منصب وزير الصحة، وهو ليس له أي علاقة بالصحة أو الطب ولا يعمل طبيب، ولكنه يعمل صحفيا ..!!
كما أختير السيد بيني إنجلبريشت Benny Engelbrecht وزيرا للمواصلات، وهو حاصل على الثانوية العامة وأخذ بعض الدروس الإضافية في التجارة، من خلال كورس فى المعهد التجارى، وليس مهندسا.
وكان أختيار وزير الهجرة والاندماج، ليكون مثالا على منح الفرص لأبناء المهاجرين، فتم أختيار السيد ماتياس تيسفاي Mattias Tesfaye وهو من أصول اجنبية،ويبلغ من العمر 37 عاما، وتخرج من معهد فنى، ثم عمل في أحدى شركات الإنشاءات وصعد فجأة من عامل بناء، إلى منصب وزير… !!
والتجربة الدنماركية، تستحق التدقيق والتمعن وأخذ الدروس منها، سواء على الصعيد الإنساني والإجتماعي أو حتى على الصعيد السياسي.