توفيق عبد العليم يكتب من أمستردام …حدوته مصرية
ملوخية بالأرانب..
وصل أبو محمد إلى بيته بعد يوم طويل مُرهقًا من العمل فى يوم صيفي حار واستقبلته أم محمد ومحمد بابتسامة عريضة وغسل وجهه على عجل بالماء البارد ليخفف من حرارة الجو وسأل أم محمد عن الغذاء فقالت له والابتسامة على وجهها أنها قد أعدت له مفاجأة طيبة، وجلس متعبًا لمشاهدة التلفاز، ورأى عرضًا عسكريًا، وأغانى حماسية على طراز كوريا الشمالية، وأغمض عيناه.
وكأنه يرى العجب العُجاب، مناقشة انتخابية يتبارى فيها المُرشحين فى لقاء إعلامي كبير، جمع عدلي منصور، عنان، شفيق، أبو الفتوح، صباحي، معصوم مرزوق، السيسي، وتغيب مرسى لأسباب خاصة عن اللقاء، وكانت المنافسة حادة بين المرشحين للرئاسة، وتبارز كل مرشح لكى يتفوق على المرشحين الآخرين، وكيف سوف يحكم مصر بعد الثورة؟، وما هي خططه المستقبلية لذلك؟، ولماذا هو أفضل من غيره لتولى هذه المسؤولية العظيمة؟، وأدار هذه المناقشة التنافسية أحد الإعلاميين المشهود لهم بالقدرة على إدارة الحوارات الصعبة، وبطريقة مُحايدة وإسمه نادر نادر، وبدأ الحديث بعدلي منصور الذي ألقى بأول مفاجأة حيث قال أنه قرر عدم ترشيح نفسه لرغبته فى العودة للسلك القضائي، ودعي إلى المنافسة الشريفة بين كل المرشحين لاختيار الأفضل لمصر، وكان لكل مرشح عدة دقائق محدودة – يحددها مدير اللقاء الصارم نادر نادر- كمقدمة للحوار، فقال عنان أن العدل يجب أن يكون أساس المُلك – يقصد الرئاسة – وأن حقوق الإنسان ليست رفاهية بل ضرورة للحفاظ على كرامة الإنسان المصري وأمان الدولة وإستقرارها، وقال شفيق إن خبرته الإدارية والعسكرية تتحدث عن نفسها، ورغم الصعوبات التي تواجهها مصر فالحل هو الإدارة المحترفة التي تستطيع أن تضع الحلول المناسبة في الوقت المناسب لكل ما يهدد أمن واستقرار مصر، وتحدث أبو الفتوح أن الولاء لمصر فقط، مصر الدولة، مصر الوطن، وأن علاقته بالإخوان قد انتهت إلى غير رجعة، وقال صباحي أن إعادة بناء الدولة يقتضى وبالضرورة المحافظة على الاشتراكية وعودة الملكية العامة لخلق عدالة توزيع للثروة وبهدف الحفاظ على السلام الإجتماعي ومحاربة الرأسمالية المتوحشة، وتوفير الحياة الكريمة لكل مواطن، وقال معصوم مرزوق أن حب مصر يجرى في دمه وقد شهد حرب أكتوبر، والديمقراطية هي الحل لكل المشاكل التي تواجهها مصر، وإحترام حقوق الإنسان المصري يجب أن يكون الأساس لبناء مصر الجديدة، وقال السيسي أن الحفاظ على الدولة المصرية وأمنها هو الهدف الأول قبل كل شيئ، لأنه لو تم تدمير الدولة فلن يبقى شيئ لكي نتكلم عنه، واستمرت المحاورة بين المرشحين والأسئلة الصعبة التي استمر المُحاور نادر نادر في طرحها على المرشحين لرئاسة مصر بعد الثورة..
وسمع أبو محمد صوتًا عاليًا يناديه..يا أبو محمد..يا أبو محمد..الغذاء جاهز، وفتح عيناه بصعوبة ونظر حوله ورأى مارشات عسكرية وأغاني وطنية كالعادة، وقام متثاقلًا ورائحة “الثوم” و”الكسبرة” تملأ أنفه وابتسامة ترحيب من زوجته التي أعدت له مكانه المُفضل على طاولة الطعام، والمفاجأة كانت أرنبًا كان جميلًا قبل أن يلقى مصيره المحتوم من الذبح، السلخ، التقطيع، والتحمير على يد أم محمد، والرائحة الطيبة للملوخية، وما لذ وطاب، وجلس يتمعن هذه الوجبة الشهية، وعلى البعد سمع القائد يقول، علشان مصر تكون كده، لازم نبقى كده، ونعمل كده ونمشى كده، وتمتم كأنه يتحدث إلى نفسه، والله أنا لا أفهم أي شيئ، ونظرت زوجته إليه متسائلة، ألم يعجبك الأكل يا أبو محمد؟، فنظر إليها نظرة المُحب للملوخية بالأرانب وقال :
تسلم الأيادي..
_______________
توفيق عبد العليم
أمستردام – هولندا