أختطفت أوروبا فى المرة الأولى منذ حوالى ثمانية قرون قبل الميلاد، وكما تقول الأسطورة فى المعتقدات الإغريقية، أوروبا أسم لأميرة جميلة بنت الملك الفينيقى، كانت تجمع الزهور مع صديقاتها على شاطئ مدينة “صور” (لبنان ألآن)، عندما رأها “زيوس” رب الآلهة والبشر فوقع فى غرامها. ولكى يمتلك إعجابها تحول إلى ثور ابيض جميل حتى تقترب منه وتمطتيه، وإذا به يختطفها ويسبح بها وهى على ظهره حتى شواطئ “كريتا” اليونانية.
وهناك وتحت أشجار السرو يتحول الثور الأبيض إلى بشر فتعجب به الفتاة أوروبا وتصبح عشيقته وتنجب منه ثلاثة ابناء.
أوروبا تتزوج “استريون” ملك كريتا وتتوج هى ملكة للبلاد. إلا أن “زيوس” ظل يحبها ويرسل لها الهدايا من حين لآخر.
وبعدها اطلق “زيوس” على مملكته أسم “أوروبا” ومن هنا جاءت تسمية القارة الأوروبية. ويرجع معنى الكلمة “أيرب” إلى أصلها الفينيقى بمعنى غروب الشمس.
تنتشر اسطورة زيوس واختطاف أوروبا وتروى على شكل تماثيل تنتشر فى عواصم أوروبا ومتاحفها، وأيضا فى الأسكندرية ( للمثال فتحى محمود 1962)، وايضا على عملات اليورو.
والآن تختطف أوروبا للمرة الثانية، ولكن هذه المرة إختطاف غير رومانسي على الإطلاق، فهى تختطف عنوة من أحضان بريطانيا العظمى التى تعتبر نفسها الأهم والأقوى والأم فى أوروبا، وتتضطر أن تتخلى عن الجميلة أوروبا، وسيكتب فى الأدبيات أنها تتنازلت عن أوروبيتها من أجل مصالحها الاقتصادية وربما من أجل الشقيق الشرعى الأكبر “أمريكا”.
إلا أن حوالى نصف الشعب البريطانى ليس راض وحزين على هذه الفرقة القسرية، وحزين على أنه لن يحق له أن يكون معها فوق الثور الأبيض ولا على عملات اليورو.
ويخشى غضب أوروبا الذى لابد منه عاجلا أم آجلا. فالخسائر الإقتصادية بسبب الأستثمارات الأوروبية ستكون فادحة. ففى دولة صغيرة مثل الدنمارك ستفقد صادرتها إلى بريطانيا التى تصل إلى 15 مليار دولار سنويا، واستثمارات قدرها 25 مليار دولار، وهكذا بالنسبة لمعظم دول الاتحاد الأوروبى.
مهندس/ محي الدين غريب – الدنمارك