الرأي الحر

للصائم فرحتان .. !!

نفحات رمضانية ...(3)

عبد الرحيم الخولي

من حديث قدسي:
“نعم حق للصائم أن يفرح ويسعد ويتمني أن تكون السنة كلها رمضان”

يقول الله عز وجل في سورة الأنعام “كتب ربكم علي نفسه الرحمة” صدق الله العظيم.

يا الله هو سبحانه كتب علي نفسه أن يغفر ويرحم ويتجاوز عما يعلم إنه هو الأعز الأكرم ولا توجد أي آية أخري في القران فيها كتب ربكم علي نفسه إلا هذه الآية وإلا هذا الأمر الرحمة فلله الحمد والفضل والمنة.

ومن بين نفحات هذه الرحمة كان أن منّ الله عز وجل علينا بشهر رمضان موسم الرحمة والمغفرة والرضوان فكان الصيام هدية من الله للعبد فهو إرتقاء للعبد بنفسه قال تعالي “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون”، فتنمو ملكات المراقبة لله عز وجل حتي يصل العبد إلي منزلة الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) – حديث صحيح .

ولذلك يبشرنا نبينا صلي الله عليه وسلم بقوله : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) – البخاري ومسلم – أي إيماناً بالله الخالق البارئ المصور وسمعاً وطاعةً واستسلاماً وأن يحتسب أي مشقة أو إرهاق أو تعب لله عزّ وجل وطلباً لمغفرته وعفوه ورضوانه فيغفر له ما تقدم من ذنبه .

ثم تأتي البشري الثانية من المصطفي صلي الله عليه وسلم ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ومسلم – وفي رمضان تتزين كل المساجد بصلاة التراويح والتهجد وتلهج الألسنة بالدعاء والخشوع بين يدي الله سبحانه وتعالي .

ثم تأتي البشري الثالثة من قوله صلي الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ومسلم – ليلة واحدة خير من ألف شهر فيغفر الله عز وجل فيها لجميع خلقه وذلك كله لأن الله عز وجل يحب عباده ويحب أن يرحمهم قال تعالي “مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ” الانعام 147
وهو القائل:”كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ” الانعام 54

فتتجلي في شهر رمضان موسم الرحمة والمغفرة نفحات العفو والصفح والغفران.
يعني من أدرك شهر رمضان سيغفر الله له .. سيغفر الله له … لأن الله عز وجل جعل فيه الكثير من الوسائل والسبل إلي نيل مغفرته ورضوانه .

بل وليست مغفرة فقط وإنما عفو أيضاً من العفو الكريم سبحانه وتعالي جل شأنه فلا يغفر الذنب وتلغي عقوبته وفقط بل أعلي من ذلك فيكون العفو بأن يأمر الله عزوجل بمحو الذنب من صحائف العبد وأن لا يبقي له أثر ولذلك لما سألت ستنا عائشة رضي الله عنها النبي صلي الله عليه وسلم قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: “قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي” حديث صحيح – فشهر رمضان فرصة للعفو العام ومحو كل الذنوب وألا يبقي لها أثر .

وهكذا نفرح بأننا وكأننا ببركة بلوغنا شهر رمضان سيغفر الله لنا يعني سيغفر الله لنا ….

ولذلك قبله نظل ندعو ( اللهم بلغنا رمضان ) وبعده نكبر فرحاً وسعادة بالمغفرة والرضوان قال تعالي ( قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة من الآية:185- فمن فجر أول يوم بعد اكتمال العدة نسمع من كل مكان ومن كل حدب وصوب الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله …. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ….الله أكبر كليراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً …..

كيف لا ونحن نولد من جديد فلحكمة يعلمها الله كان ترتيب شهر رمضان بين شهور السنة الهجرية هو التاسع والمرء يولد من بطن أمه بعد الشهر التاسع فكانت ولادتنا الجديدة بانتهاء شهر المغفرة والرضوان الشهر التاسع الذي نظل ندعو قبله أن يبلغنا الله إياه…

وكما أنه من السنة التكبير في أذن المولود فهانحن نكبر بأنفسنا لأنفسنا علي هذه الولادة الجديدة التي من علينا الله عز وجل بها فكان الأول من شوال يوم عيد .

بل وهو أيضاً أول يوم في أشهر الحج قال تعالي :”الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ ” (البقرة 197) – فأشهر الحج هي: شوال و ذوالقعدة وذو الحجة، وقيل العشر الأوائل من ذي الحجة والحج هو الشعيرة العظمي والتي يرجع منها العبد كيوم ولدته أمه أيضاً فلله الحمد والفضل والمنة أن قد كتب علي نفسه الرحمة فأصبح للصائم “فرحتان” فرحة حين يفطر إذ وفقه الله لطاعته وامتثال أمره وفرحة حين يلقي ربه العفو الغفور الكريم الرحيم فيجد من ينادي عليه أين من كان أجره علي الله وبغير حساب فيحتفي به ويدخل الجنة من باب خاص إسمه باب الريان فيالها من فرحة.

فالحمد لله الرحمن الرحيم العفو الكريم الحنان المنان ذو الجلال والإكرام .
يارب صلي علي النبي مسلماً ….
واجعل لنا التوفيق دوماً صاحباً ….

عبد الرحيم الخولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى