فرنسا

عودة العنف، لمظاهرات ذوي السترات الصفراء في باريس ..!

تدمير وسلب ونهب في أشهر شوارع العالم ... !!!

إزدادت حدة العنف في المظاهرات الأخيرة في باريس

اشتعلت باريس مرة ثانية، وشهدت مظاهرات أصحاب السترات الصفراء في باريس للأسبوع الثامن عشر على التوالي، عودة مفاجأة لموجة العنف والاضطرابات في شوارع العاصمة بصورة تماثل – أو قد تكون أكثر عنفا- من بداية التظاهرات التى شهدتها فرنسا، منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

تم تدمير واجهات ما يزيد عن خمسين متجرا ومحلا تجاريا في منطقة الشانزليزيه الشهيرة، وسلب ونهب بعض من محتوياتها.

بلغت الخسائر المبدئية لهذه العمليات التخريبية ما يقرب من 180 مليون يورو، وذلك طبقا لتقارير أجهزة الشرطة وشركات التأمين.

وكان التصعيد في موجة العنف مفاجئا لأجهزة الأمن الفرنسية، فكانت تظاهرات ١٦ مارس، أكثر عنفاً وتخريباً للمنشآت العامة والخاصة مقارنة بالأسابيع الماضية،وفوجئت أجهزة الأمن – التي كانت غير مستعدة لهذا التصعيد- بأعداد كبيرة من المتظاهرين في شوارع باريس، وخاصة في شارع الشانزليزية الشهير والمناطق المحيطة، ولوحظ وسط وبين أصحاب السترات الصفراء، بعض العناصر التي أرتدت الزي الأسود، والتي جاءت بهدف تحطيم المحلات ونهب محتوياتها.

شارع الشانزليزيه وآثار الفوضى تخيم عليه

مرت تظاهرات الأسابيع الماضية هادئة، وخاصة أنه كانت هناك عدة لقاءات وحوارات مع منظمات المجتمع المدني، بهدف الإستماع لشكوي أصحاب السترات الصفراء، والعمل على تلبية بعض مطالبهم.
وأنتهت فترة الحوار الوطني في نفس اليوم الذي بدأت فيه مظاهرات السبت 16 مارس، ولم تلبث الحكومة أن تتأخذ أية إجراءات بعد.

وبناء على دعوة من القائمين على تنظيم مظاهرات السترات الصفراء، حضر الآلاف من المتظاهرين بالقطارات من المدن الفرنسية إلى العاصمة باريس، حيث تجمعوا في محطات العاصمة الرئيسية: “محطة الشمال” ومحطة “مونبارناس” ومحطة “سان لازار” والمحطات الأخرى، ليتوجهوا في الصباح الباكر إلى شارع الشانزليزية، وتجمعوا بالقرب من قوس النصر قبل أن تفتح المتاجر والمحلات التجارية أبوابها، بينما تواجدت بعض من قوات الأمن بالقرب من أماكن تجمع المتظاهرين.

وظهرت لأول مرة مجموعات من “البلاك بلوك” والتى كانت ترتدى الزى الأسود، وظهرت مجموعات أخرى وهى ترتدى الأقنعة التى تخفى وجوهها، بصورة توحى بأنه كانت هناك نية مبيتة للقيام بعمليات نهب وسرقة أو تدمير وتخريب.

بدأت أول صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن في الحادية عشر صباحاً، عندما بدء المتظاهرون بإلقاء الأحجار وبعض المقذوفات على أجهزة الشرطة وخاصة مجموعات الأمن التى كانت تتحرك لحماية “قوس النصر” في قلب العاصمة.

وتدخلت قوات مكافحة الشعب باستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، وتطورت الإشتباكات بعد أن قام بعض المتظاهرين وخاصة الذين ارتدوا الملابس السوداء واختلطوا مع أصحاب السترات الصفراء – بالإعتداء على واجهات بعض المحلات وتحطيمها، وأيضاً الإعتداء على بعض عربات الشرطة وإجبروهم على مغادرة أماكنهم والتراجع عن أماكن تمركزهم، وذلك أمام العدد الكبير من المتظاهرين مقارنة بالعدد القليل من رجال الشرطة.

أشعل المتظاهرون النيران في بعض إطارات السيارات لإحداث أدخنة ونيران كثيفة

ظهر وسط المتظاهرين أعداد من اليسار المتطرف والذين حملوا اللافتات المعادية للرأسمالية، الذين هاجموا واجهات بعض المحلات التجارية من أصحاب الماركات الشهيرة المنتشرة في شارع الشانزليزية والمناطق المحيطة به، فقاموا بتدمير وتحطيم بعض واجهات البنوك والمحلات التجارية في الشانزليزية، مثل محلات “الدراج ستور” القريبة من قوس النصر وحطموا محتوياتها، كما حطموا واجهات متاجر ماركات شهيرة مثل “هوجو بوس” و”لاكوست” و”نسبريسو”، وأحد المتاجر المتخصصة في بيع البارفانات، ثم قاموا بإحراق عدد من الأكشاك التى تبيع الجرائد والمجلات في شارع الشانزليزية، وتم تدميرها وحرقها بالكامل، وقام المتظاهرون أيضاً بالإعتداء على مقهى ومطاعم “لافوكتس” الشهير (والذى يعتبر من المبانى الأثرية الفرنسية) وقاموا بنهب محتوياته وتخريب المطعم من الداخل.

استهدف عدد من مجموعات “البلاك بلوك” وبعض اللصوص الذين ارتدوا الملابس السوداء والذين وضعوا الأقنعة على رؤوسهم، عدد من المحلات التجارية، وسرقوا ونهبوا محتوياتها، ثم قاموا باشعال النيران وتحطيم عدد آخر منها.

أشعل المتظاهرون النيران في أكشاك الجرائد والمجلات في الشانزليزيه

وقامت مجموعة من اليساريين المتطرفين باشعال النيران في أحد فروع البنوك بشارع “فرانكلين روزفلت”، وهو أحد الشوارع الرئيسية المتقاطعة مع شارع الشانزليزيه وتسبب الحريق في اشتعال جزء من المبنى أسفر عن إصابة حوالى عشرة أشخاص بإختناق وأصابات بسيطة لتواجدهم في المبنى أثناء الحادث.
وفي منتصف النهار تحول شارع الشانزليزية إلى شبه “ساحة قتال” وسط خراطيم المياه، وكثافات الدخان الناتجة عن حرق بعض مخلفات المحلات التى تحطمت واجهتها وأيضاً القنابل المسيلة للدموع.
أسفرت هذه المواجهات عن إصابة ١٧ من رجال الشرطة و٤٣ من المتظاهرين، وقامت أجهزة الأمن بإلقاء القبض على عدد ٢٣٧ شخصاً من مثيرى الشغب.

وإزاء هذه الأحداث، قطع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عطلة نهاية الأسبوع التى كان يقضيها في “الانزلاق على الجليد”، على جبال فرنسا ليعود لعقد “اجتماع أزمة” مع الحكومة الفرنسية.
وانتقدت أحزاب المعارضة عدم أستعداد رجال الأمن لمواجهة هذه الأحداث بصورة تضمن سلامة الممتلكات والمحال التجارية، وتشويه صورة باريس أمام السائحين وتهديد للسياحة ، وطالبوا بمسائلة رئيس الوزراء ووزير الداخلية أمام مجلس الشعب.

هاجم المخربون ذوي الملابس السوداء العديد من المحلات التجارية في الشانزليزيه وحطموا واجهاتها

صرح وزير الداخلية الفرنسى “كريستوف كاستنير”، أن هناك مجموعة من المخربين محترفي السرقة والمتدربين على عمليات الكسر والتحطيم، واستخدام العنف استطاعوا اختراق أصحاب السترات الصفراء واختلطوا بهم لأحداث عمليات تخريب،بهدف إفشاء الفوضى في باريس.

وطالب وزير الداخلية من أصحاب السترات الصفراء، والمتظاهرين السلميين، بعدم التضامن أو التعاطف مع هؤلاء المتطرفين والمخربين، ورجال العصابات، الذين ينتهزون فرصة التظاهرات للنهب والسرقة والسطو والتخريب، بهدف إثارة الذعر والفوضى في العاصمة.

وأكد وزير الداخلية، بأن السلطات الفرنسية ستتخذ الإجراءات الحاسمة والقانونية لمحاسبة الجناه عن عمليات السرقة والنهب والتخريب التي شهدتها باريس.

آثار الأحتراق والتدمير على أحدي أكشاك بيع الجرائد والمجلات بالشانزليزيه

وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت بياناً ذكرت فيه أن باريس شهدت تظاهرات تضم ما يقرب من ثمانية آلاف متظاهر، منهم ما يقرب من ١٥٠٠ شخص من المخربين ومستخدمى العنف ومثيرى الشغب.

وتجدر الإشارة إلى أن تظاهرات ١٦ مارس تجئ في نهاية فترة الحوار المجتمعى، التى دعى إليها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والحكومة الفرنسية لمناقشة الأسباب التى أدت إلى اشتعال التظاهرات في العاصمة، وطرق علاجها، وذلك عن طريق تلبية بعض طلبات المواطنين، الذين يعانون من الغلاء وانخفاض أجورهم أمام ارتفاع أعباء المعيشة.

رشدي الشافعي

المهندس رشدي الشافعي
مؤسس ورئيس تحرير جريدة «الحرية» منذ عام 2009.
بكالوريوس الهندسة المدنية «إنشاءات»
كلية الهندسة - جامعة الإسكندرية.
صحفي، مدير مكتب جريدة الجمهورية المصرية
في باريس سابقاً.
رئيس مجلس التعاون المصري- الأوربي.
زر الذهاب إلى الأعلى