الرأي الحر

في التجربة الدنماركية … لماذا الكراهية ..!؟

"مسلموفوبيا" وليس "إسلاموفوبيا"، الخوف عند الغرب من أرهاب المسلمين وليس الخوف من الإسلام

مهندس/ محي الدين غريب

لا شك أن الخوف عند الغرب هو الخوف من إرهاب المسلمين وليس الخوف من الإسلام ذاته، فهم يعانون في أوربا من “مسلموفوبيا” وليس “إسلاموفوبيا”، أي من إرهاب المسلمين المتطرفين.

الغرب يدافع عن المسلم الإنسان وليس عن الإسلام، لأنهم لا يخلطون الدين فى إحترام الإنسان والحياة الإنسانية بصفة عامة.

عندما حذرت فى الأعوام الماضية مرارا ،بالكلام تارة داخل المؤتمرات وبالكتابة تارات أخرى، في الصحف: عن خطورة التطرف الإسلامى للجيل الثانى من المهاجرين، وضرورة العمل على اندماجهم فى المجتمع الدنماركى، هوجمت من الكثيرين بأنني أبالغ فى إتهام هؤلاء، وأنهم ليسو إلا قلة قليلة تعد على الأصابع، وأنني أثير الفتنة ،وأخيرا هددت للتوقف عن الحديث أو إثارة هذا الموضوع من جديد .. !!!

حدث عند وجودي في العاصمة الدانماركية، أن تم إحراق مخبز ، بفعل فاعل، فى أحدى أحياء كوبنهاجن، بسبب أن احد العاملين في المخبز، انتقد أحدى المحجبات المارة في الشارع..!

ومنذ شهور قليلة، أتخذ قرار بغالبية المسلمين في مجلس بلدية أحدى المقاطعات الدانماركية، بإلغاء التقليد الدنماركي – المتبع منذ مئات السنين – بتزين ميدان المدينة بشجرة عيد الميلاد ،وأيضا إلغاء شرب الخمور فى نادى البلدية..!!

قد يكون هذا أمر طبيعي ويمكن أن يحدث في أية دولة عربية، غير أن ذلك حدث في بلاد الدانمارك المعروف عنها بالتسامح، وأستضافة الغير من ذوي الجنسيات والطوائف والديانات المختلفة، والتعامل معهم بدون تمييز.

ومنذ شهور، علمنا من أجهزة الأعلام، أن هناك أكثر من 70 شاب دنماركي، من اصول إسلامية وعربية – ومن بينهم أطفال أقل من 16 سنة – التحقوا للجهاد الطائفي فى سوريا تحت ألوية القاعدة للأستشهاد هناك لإقامة “الخلافة الإسلامية” …!!!
وهذه الظاهرة تعتبر من الظواهر التي تخالف القانون الدنماركى، وأيضا قوانين حقوق الإنسان.

أحدي اللافتات التي وضعها المسلمون في أحيائهم بكوبنهاجن لتطبيق الشريعة!!

ومنذ أعوام، أعلنت جماعة “دعوة إلى الإسلام” تطبيق الشريعة الإسلامية – في أحدى المناطق الدانماركية – بأن أعلنوا إحدى تلك المناطق الواقعة بالعاصمة “كوبنهاجن” منطقة خاصة بالمسلمين!
والعجيب أنهم أرادوا تطبيق الشريعة – التي لا تطبق عادة في معظم الدول العربية والإسلامية – كقطع يد السارق، وغيرها من القوانين الشرعية التي لا تطبق أصلا في دولهم.

وقاموا أيضا بتحريم شرب الخمر أو بيعه، أو لعب القمار، أو الذهاب إلى الملاهي الليلية، أو أى فعل يخالف تعاليم الإسلام ، كل ذلك داخل دولة الدانمارك التي لها قوانينها وعاداتها وسلوكها..!!
وجاء كل ذلك بهدف الانتقال إلى مناطق أخرى، لتطبيق هذه القواعد فيها لكى تشمل فى النهاية باقي مناطق الدنمارك كافة.

ومن العجيب أيضا أنهم قاموا في فترة الانتخابات البرلمانية الدنماركية بحملة للناخبين، كانوا يشرحون فيها للناس أن لا ديموقراطية في الاسلام وان الحكم لله وحده.

وفي إطار ذلك لم نسمع أن قامت أية جالية أجنبية تقيم في أية دولة أو بلد عربية أو إسلامية تعيش فيها، أن سمحت لنفسها بتطبيق قوانين وقواعد مخالفة للدولة التي تعيش فيها..!!

ومع ذلك ولأن فى الدنمارك تطبق الديمقراطية تطبيقا كاملا ويلتزمون بحرية العقيدة ،فلقد قبلت السلطات بناء جامع (افتتح فى 19/6/2014) بتمويل من دولة قطر بتكاليف بلغت أكثر من 150 مليون كرونة دانماركية.

وفي إطار كل هذا السلوك من الجاليات العربية والإسلامية في الدانمارك، فلقد نمت ظاهرة الخوف ورعب بعض الدانماركيين من ظاهرة التطرف الإسلامى وتفحش ظاهرة محاولة تغيير المجتمع وعاداته فى الدنمارك، بصورة ساعدت وكانت عاملا حاسما لزيادة شعبية الأحزاب اليمينية المتشددة التي تطالب بطرد الأجانب أحيانا، أو عدم أستقبال أجانب جدد على أرض الدانمارك والغاء اللجوء السياسي من تلك الدول، الأمر الذي كان سببا رئيسيا فى أن يتقدم الحزب اليمينى المتطرف في الدانمارك، لكي يصبح أكبر حزب حاليا، يليه الحزب الحاكم الأشتركى الديمقراطى ، وهو ما قد يعرض الأجانب بصفة عامة والمسلمين بصورة خاصة، لموجة جديدة من التمييز العنصري، والعنصرية ، الأمر الذي يؤثر على السلم الإجتماعي في تلك الدول.

فهل ترغب الجالية المسلمة في أن تكون السبب لرواج تيار عنصري جديد في أوربا يؤثر على أبناء الأجيال القادمة من المهاجرين؟
أم أنها تساهم في ذلك بقوة، دون أن تدرك عواقب هذا السلوك المدمر لها في نهاية الأمر.. ؟؟

محي الدين غريب

كوبنهاجن – الدنمارك

 

محي الدين غريب

مهندس/ محي الدين غريب
كوبنهاجن - الدانمارك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى