الرأي الحر

ويسألونك عن “السياحة”…!!

التجربة الدنماركية

مهندس/ محي الدين غريب

السياحة من الاتحاد الأوروبى لمصر تراجعت من 7.115 مليون سائح سنويا فى 2010 ألى 3.5 مليون فى 2017، والأسباب متعددة منها ما هوحقيقي ومنها ما هو مجرد أعذار ، تتراوح ما بين الإرهاب والمؤامرة على مصر وسوء التخطيط والإدارة والفساد والبيروقراطية والمحسوبية……. الخ.

ومن الطبيعى أن تتراجع السياحة فى فترات الثورة وقانون الطوارئ، إلا انه يجب العمل على إعادتها فى فترات الأستقرار.

سفارات مصر فى أوروربا يقع عليها العبأ الأهم فى الترويج للسياحة وتصحيح المفاهيم بالأسلوب الذى يتناسب مع كل دولة، إلا أن الأرقام تؤكد إخفاقا فى ألاداء، حيث أن معظم سفراءنا هناك لا يستفيدون من خبرات الجاليات المصرية كونها تفهم ثقافة الدولة التى تعيش فيها على مدى عقود، وتفهم كيفية التواصل والتعامل مع المجتمع.

ولكن معظم سفرائنا لا يسمعون ولا يصدقون إلا التعليمات العليا، ويعتقدون ويدعون معرفة كل شيئ.. حتى بعد أيام قليلة من وصولهم للبلد الجديد ويفضلون الإنفراد بالظهورفى المشهد أيا كان.

فى الحالة الدنماركية، الملاحظ أن وزارة الخارجية المصرية تتمعن فى أن يكون سفيرها لدى الدنمارك فى نهاية مدة خدمته؟، أى قبل إحالته على المعاش. وقد يكون بسبب صغر الدنمارك أو عدم ثقلها السياسى أو ضعف حجم التبادل التجارى. والنتيجة بالطبع أن معظم السفراء يستغل هذه الفترة للمصلحة الشخصية، إما تجاريا أو للحصول على منحة دراسية للأبناء أو الحصول على إقامة دائمة بعد المعاش..
وهكذا، وبالطبع يكون ذلك على حساب المصلحة العامة.

الوفود التى تأتى من مصر، سواء كانت سياسية، رياضية، ثقافية أو اقتصادية، من النادر أن تدعى لها سفاراتنا الجاليات المصرية للمشاركة، حتى يكون السفير منفردا فى المشهد لأرضاء رؤسائه.

الجالية المصرية فى الدنمارك فى محاولات دائمة على مواقع التواصل وضمن الفاعليات التى تنظمها، التخفيف من حدة تصنيف مصر سياحيا الدولة الأولى تحت الحظر، حيث فيها يجب توخى الحذر فى جميع انحائها، ولا ينصح السفر إلي بعض مناطقها. (يليها كينيا بسبب الحرب على حدودها مع الصومال).

وللأسف تنفرد مصر على موقع وزارة الخارجية الدنماركية فى 13 بند وعلى 7 صفحات تفاصيل للتحذيرات: تحت المنطقة الصفراء (والتى تشمل جميع المدن السياحية المصرية التي يجب توخى المزيد من الحذر عند زيارتها.

وتحت المنطقة البرتقالية (والتى تشمل المدن من القاهرة حتى الأقصر والصحراء الغربية)، لا ينصح السفر إليها إلا فى حالة الضرورة.

ثم المنطقة الحمراء (وتشمل شمال سيناء)، التي يحذر السفر اليها تماما.

أما تفاصيل التحذيرات والتى تعد قاسية فمنها :
تحذير للمرأة السائحة أن تمشى بمفردها ليلا، حيث التحرش والأعتداءات فى كل مكان، واحتمال الاختطاف خارج المدن الكبيرة.
مخاطر دس مسكنات فى الأكل والشرب بغرض السرقة والإعتداء.
مخاطر القرصنة اثناء استعمال “الواي فاي” للأنترنت.
،التحذير من المستشفيات والمساعدات الطبية الحكومية لحالتها المتدنيةخاصة خارج المدن الكبرى.

فى الدنمارك الدولة الصغيرة، عدد سكانها 5.8 مليون،التى لاتزيد مساحتها عن ثلث مساحة سيناء، والتى لا تمتلك أى معالم سياحية مقارنة بمصر، ومع ذلك فلديها عدد من السياح يبلغ 1.3 مليون سائح سنويا!!

ولكن الأهم هو أن عدد الليالى السياحية وصل إلى 30 مليون فى 2017، ووفر 40 ألف وظيفة وعائدا للدنمارك منها ما يوازى أكثر من100 مليار جنيه سنويا.

“الشيشة” أصبحت متواجدة في أفخم الفنادق، على الشاطئ وبجوار حمامات السباحة..!!

مؤخرا، عاد بعض الأصدقاء من شرم الشيخ حيث تمتعوا بالإقامة فى أحدى الفنادق الفاخرة هناك، حيث الطبيعة الساحرة، والطعام الطيب والأناقة داخل الفندق، أما على الشاطئ الخاص بالفندق المطل على البحر، فالأمر مختلف، فلقد أفسد الجو العام – أمام المنظر الخلاب للبحر- كل شيء … أنهم بدلا من أن يتنفسوا هواءا نقيا، تنفسوا رائحة “الشيشة” على الشاطئ، وبدلا من قضاء قليل من الوقت في هدوء في هذه البقعة الرائعة من مصر، فإنهم اصطدموا مع الموسيقى الصاخبة العالية التي تبثها ادارة الفندق مباشرة على شاطئ البحر !!

وعلى هذا فإنهم قرروا ألا يعودوا مرة أخرى إلى نفس المكان.

قال لهم المسؤول عن الفندق أنه مضطر، لذلك لإشباع رغبات زبائن الأوتيلات الذين يأتون من دول الخليج ولبنان، لقضاء أجازتهم على شاطئ البحر الأحمر.!

هذا هو الذوق العام الذي قد يقضي على ما تبقى لنا من “سياحة” إذا لم ندرك خطورة الموقف.

محي الدين غريب

كوبنهاجن – الدنمارك

 

موقع وزارة الخارجية الدنماركية الذى يحذر السياحة لمصر:

http://um.dk/da/rejse-og-ophold/rejse-til-udlandet/rejsevejledninger/egypten/

محي الدين غريب

مهندس/ محي الدين غريب
كوبنهاجن - الدانمارك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى