مصريون أولا .. ثم عرب ..!
إن جذور الإنسان هي التي تدعم كيانه وتحافظ علي استمراره. ويهزم الإنسان عندما ينسي حضارته وتاريخه ، بل أن هلاك الشعوب يكون بغياب المعرفة لحضارتهم.
فالحقيقة التاريخية أننا مصريون قبل أن نكون عربا بكثير رضينا ذلك أم لم نرض.
وتصبح مغالطة أن يغفل عن اكثر من خمسة آلاف سنة من الحضارة المصرية ، تلك الحضارة التي بنيت عليها معظم الحضارات والثقافات الأخرى ، بحجة البعض من المتطرفين الذين يدعون أن الحضارة المصرية القديمة وثنية وكافرة.
وتصبح مغالطة أن يفرض علي الشخصية المصرية التي تشكلت منذ أكثر من خمسة آلاف سنة ، أن تبدأ من جديد منذ الفتح العربي ، الذي استمر فقط 228 سنة بالغزو العربي سنة 640م ، و حتى الاستقلال علي يد ابن طولون سنة 868م. فنحن مصريون أولا ثم عرب ننتمي إلي كل تاريخينا ، ننتمي أولا إلي إخناتون ورمسيس ثم بعدها ننتمي إلي عمرو بن العاص الذي جاء إلي مصر وتمصر.
فعندما جاء اليونانيون لمصر مع لإسكندر ، احترموا قيما وعادات المصريين ، فلبست كليوباترا الزى الفرعوني وكان الاسكندر يذهب لسيوه حتى يحصل علي البركة من ألآله آمون.
وعندما دخلت مصر المسيحية كانت لأسباب أوجه التشابه بين الديانة الفرعونية و المسيحية في فكرة الثالوث المقدس وتشابه مفتاح الحياة والصليب القبطي.
وعندما جاء العرب استقروا في الأراضي شرق الدلتا ورحب بهم المصريين ولم يختلطوا بهم ، وقال لهم عمر بن الخطاب “إنكم لم تفتحوا مصر ولكن فتحها الله عليكم ” ، فالعرب عربوا مصر خلال 228 سنة دينيا ولغويا ومصر مصرت العرب حضاريا وثقافيا وذاب العرب بأعدادهم القليلة فيها ليصبح التراث العربي جزءا وإضافة إلي تراثنا الراسخ. وهذه الِإضافة يمكن أن نأخذ منها ما يناسب تراثنا الأساسي والذي بالطبع لايتبدد بدخولنا إلي تراث جديد.
وتصبح مغالطة أن تعتبر العروبة مرادفا للدين وجعل التاريخ القومي للبلاد العربية يبدأ من الفتح العربي متجاهلين أننا شعوب مختلفة الأصل نتفق في اللغة والدين وبعض الثقافات.
ولذلك ظلت فكرة الأمة العربية فكرة زائفة ، وفشلت المحاولات وراء الوحدة العربية لعدم الأخذ في الاعتبار اختلافات الأصل الأساسية.
إن السبب وراء نجاح تجربة أوربا الموحدة هو عدم المساس بحضارات البلاد الأصيلة ، والاستفادة بالقواسم المشتركة بينها لتكون إثباتا جديدا يؤكد أن الحفاظ علي الهوية الوطنية لا يعني الانغلاق علي الآخرين.
قد يخسر الإنسان الكثير في معارك الحياة المختلفة ولكنه يخسر كل شيء عندما ينسي تاريخه ولغته وحضارته.